30 أكتوبر 2019 – الدوحة، قطر:
شاركت مؤسسة أسباير زون في أعمال النسخة الخامسة من مؤتمر ومعرض قطر لتكنولوجيا المعلومات الذي تنظمه وزارة المواصلات والاتصالات تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى. تأتي هذه النسخة تحت شعار "مدن آمنة وذكية"، وتعقد خلال الفترة من 29 أكتوبر حتى 1 نوفمبر 2019، ويعتبر المؤتمر الحدث الأكبر في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطر، ويهدف إلى تعزيز التعاون نحو تطوير المدن الذكية.
قصة أسباير زون باعتبارها "مدينة رياضية ذكية" مثال نموذجي للتحول الحضري
جاءت ضمن أعمال اليوم الثاني للمؤتمر، جلسة خاصة بعنوان: "التنمية الحضرية واسعة النطاق والفعاليات الكبرى"، وقد شارك فيها متحدثاً السيد محمد خليفة السويدي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة أسباير زون لتبادل الأفكار حول هذا الموضوع المهم والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدوحة بشكل عام وبأسباير زون على وجه التحديد.
وقد بدأ حديثه قائلًا: "عندما تلقيت دعوة للانضمام إليكم اليوم في هذه اللوحة ، كنت متحمسًا للغاية لأنني أجد قصة أسباير زون باعتبارها "مدينة رياضية ذكية" مثالًا حيًا نموذجيًا على موضوع هذه الجلسة لإظهار كيف تعمل الفعاليات الكبرى كعوامل محفزة للتنمية الحضرية.
على أرض الواقع، لم تنجح جميع الأحداث الكبرى في التنمية الحضرية للبلد المضيف، على العكس. ففي واقع الأمر، تُمثل الفعاليات الضخمة ضغطًا شديدًا على موارد الدول المضيفة مختبرةً قدراتها على تلبية الطلب الكبير خلال تلك الأحداث - ما نسميه بـ"دموع الفائزين". وعندما استضفنا دورة الألعاب الآسيوية في العام 2006، واجهنا في الواقع نفس الشكوك. كان الناس في قطر يشككون في قدرة البلاد على الاستفادة من تراث هذا الحدث الضخم بعد انتهائه. ومع ذلك، فقد نجحنا في إدارة الإرث واستدامته بطريقة غير مسبوقة.
قلة من المدن المستضيفة للكبرى الفعاليات تمكنت من الاستفادة من الأحداث الضخمة لتطوير مدنها والمحافظة على تراثها. ربما برشلونة أحد تلك الأمثلة القليلة التي شهدت نهضة حضرية ونقلة في بنيتها الأساسية حين استضافت أولمبياد 1992.
الدوحة، مثال نموذجي آخر على القصص الناجحة التي تستفيد من الأحداث الكبرى في التنمية الحضرية. حتى أن هذه الفعاليات ساهمت في الترويج لمدينة الدوحة بأنها "وطن للرياضة Home to Sports". أقصد بالتحديد دورة الألعاب الآسيوية لعام 2006 ومنطقة أسباير زون.
فقد كانت المنطقة التي تقع فيها أسباير زون الآن مجرد منطقة صحراوية كبيرة تحيط باستاد خليفة الدولي. الآن، هي أحد أشهر المدن الرياضية في العالم، ومنطقة حضرية في حد ذاتها يعيش في محيطها ويتوافد عليها الآلاف، حيث تعد من أعلى المناطق كثافةً في البلاد مقارنةً بالمناطق الأخرى في الدوحة، ويأتي إليها الجمهور من كل حدب وصوب للاستمتاع بالمرافق والخدمات المفتوحة لهم باستمرار."
أسباير زون: الرؤية الذكية، التحول الذكي، والإدارة الذكية للإرث
تمحورت مداخلة السيد محمد خليفة السويدي خلال الجلسة بشكل أساسي حول ثلاثة أفكار رئيسية: الرؤية الذكية، والتحول الذكي، والإدارة الذكية لإرث الفعاليات الكبرى.
الرؤية الذكية: ففي الأساس، بدأ كل شيء برؤية "ذكية". فقد كانت قيادة بلادنا ذات رؤية مستقبلية ثاقبة حقًا عندما قررت إنشاء مدينة رياضية متكاملة، معتبرةً الرياضة ركيزةً لا غنى عنها لتنمية الأمة وتقدمها.
وهذا ما يجعل أسباير زون فريدة من نوعها؛ الثلاثية التي لا مثيل لها التي تجمع بين تطوير الرياضة والتعليم والطب الرياضي وإدارة المرافق والمتجسدة في المنظمات الثلاث الأعضاء لمؤسسة أسباير زون: أكاديمية أسباير ومستشفى سبيتار وأسباير لوجستيكس، تحت مظلة واحدة هي مؤسسة أسباير زون. هذا التكامل لا نجده في أي مكان آخر في العالم.
التحول الذكي: اتخذت الدولة أيضاً نهجًا "ذكيًا" في إنشاء نظام بيئي متكامل داخل المدينة الرياضية أسباير زون، فهي في الحقيقة مدينة صغيرة داخل مدينة الدوحة، حيث تحتوي على مدرسة، مستشفى، مجمع تجاري، فندقين، حديقة شاسعة، استاد راضي دولي وملاعب عديدة، كلها على مسافة قريبة!
وقد شهدت منطقة أسباير زون ومحيطها الحضري تطورًا هائلًا، خاصة في تحسين البنية التحتية ونوعية الخدمات العامة وازدهار التطوير العقاري.
ولم يقتصر التطوير على بناء المنشآت وتطوير المناطق الحضرية، فقد اهتمت مؤسسة أسباير زون بإشراك الناس من خلال استخدام التكنولوجيا والحلول الذكية. ويعد برنامج "صحتك في خطوتك"، مثالًا فريدًا من نوعه، حيث أنشأت المؤسسة أول مجتمع يجذب الجمهور لتغيير نمط حياتهم إلى أسلوب أكثر نشاطًا وأكثر صحةً باستخدام التكنولوجيا. ففي العام 2012، لم يكن لدى الهواتف المحمولة مستشعر "جيروسكوب" في ذلك الوقت. لذلك، استخدمنا عداد الخطوات "البيدوميتر" لإشراك مختلف فئات المجتمع وتغيير ثقافتهم، وقد شهدت بالفعل تلك المرحلة نجاحًا كبيرًا. ثم في الموجة التكنولوجية الثانية، استخدمنا تطبيقات الأجهزة المحمولة. لقد وصل المشاركين إلى أكثر من 100 ألف عضو في هذا المجتمع النشط.
وفي مجال إدماج المجتمع أيضًا، تقوم المؤسسة بتوسيع قاعدة المستفيدين من تقنياتنا الذكية المستخدمة للرياضيين المحترفين بحيث يستفيد منها الجمهور. والأمثلة كثيرة من سبيتار ومن تكنولوجيا الرصد المستخدمة في الأكاديمية والتي تم الاستفادة منها في سباق صمله، ومؤخراً مركز أداء كرة القدم الذي يحتوي على أحدث التقنيات التكنولوجية في علوم تدريب وأداء كرة القدم ويستفيد منه منتخب قطر الوطني لكرة القدم بمختلف فئاته السنية.
كما تواصل المؤسسة العمل على تحسين الخبرة التي يعيشها الجمهور في أسباير زون، ونحن على أعتاب موجة قادمة لاستخدام التكنولوجيا الذكية لمزيد من الإدماج والمشاركة.
الإدارة الذكية للإرث: تعلق المحور الأخير بالإدارة المستدامة "الذكية" التي كانت ولا تزال مؤسسة أسباير زون تقوم بها لإرث دورة الألعاب الآسيوية والفعاليات الكبرى الأخرى التي قامت باستضافتها وتنظيمها منذ إنشائها. لقد أثبتت المؤسسة أنها مثال حي على كيفية تحويل الأحداث المؤقتة إلى إرث مستدام. لقد تم إثبات ذلك على عدة مستويات: مستوى التنمية البشرية: الحفاظ على الدراية والخبرة التي تم اكتسابها خلال تلك الفعاليات بل والعمل على تنميتها وتطويرها لتواكب المستجدات في هذا المجال، ومستوى التنمية الاجتماعية: من خلال الحفاظ على الثقافة الجديدة لدى المجتمع لتبني نمط حياة صحي نشط، ومستوى التنمية الاقتصادية: من خلال الحفاظ على الأصول بل وإدارتها بفكر اقتصادي مبتكر مثل تحويل الشعلة التي تم بناؤها في الأصل لتعبر عن الشعلة الأولمبية إلى فندق 5 نجوم في العام 2012. وبالنسبة لمستوى التنمية البيئية فقد تمت إعادة استخدام الأصول وإعادة تدوير المواد من الألعاب الآسيوية 2006 حتى يومنا هذا.
وعندما يتعلق الأمر بالفعاليات الكبرى، يدور مفهوم التحول الحضري الذكي أيضاً حول كيفية زيادة قدرات المؤسسة أو المدينة بشكل فعّال أثناء التخطيط والاستعداد للفعالية وتنفيذها، ثم تقليص تلك القدرات عقب الحدث إلى السعة العادية دون خسائر كبيرة أو هدر في الموارد أو عدم الاستفادة من إرث تلك الفعالية على مختلف المستويات.
وبالحديث عن المستقبل، تعد مؤسسة أسباير زون فاعلًا رئيسيًا في التحضير لكأس العالم 2022، وهو "نموذج" آخر لدور الفعاليات الكبرى في التنمية الحضرية على نطاق أوسع.
وفي هذا الخصوص، يعد استاد البيت الذي أشرفت مؤسسة أسباير زون على تصميمه وبنائه، مثالاً رائعاً على دور الفعاليات الضخمة على إحداث تحول جذري في المناطق الحضري. فقد تم إنشاء أسباير أخرى حول الملعب في مدينة الخور. حيث تم إنشاء حدائق وبحيرات ومطاعم ومسارات للمشي والركض وآلات اللياقة البدنية في الهواء الطلق في محيط الملعب لخدمة المجتمع المحلي في مدينة الخور وتعزيز ارتباطهم بالمشروع وما سيقدمه لهم من خدمات حتى بعد انتهاء المونديال.
وعلى مستوى الدولة القطرية، لا يمكن للمرء أن يخطئ التحول الجذري الذي يحدث بذكاء في جميع أنحاء قطر. قائمة طويلة من المشاريع الضخمة التي تغير وجه البلد بأكمله: مناطق حضرية جديدة، طرق سريعة، مشروعات الريل والمترو، مطار جديد بسعة كبيرة وخطط لتوسعته، ميناء عالمي، إلخ.
وقد وجه الحضور عدداً من الأسئلة للمنصة تدور حول الجوانب المختلفة المتعلقة بالتنمية العمرانية والتغير السكاني (الديمغرافي) في محيط الفعاليات الكبرى، والمخاطر المرتبطة بتلك الأحداث.يذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تشارك فيها مؤسسة أسباير زون في المؤتمر عقب مشاركتها في نسخة العام ٢٠١٧.
قصة أسباير زون باعتبارها "مدينة رياضية ذكية" نموذج حيّ لدور الفعاليات الكبرى في التنمية الحضرية